
يظن البعض ان الدموع حكرا على المآسي و الاحزان، و لكن الحقيقة ان للدموع لغة ساحرة لا تقتصر على حياة الانسان العاطفية و الانفعالية بل تمتد الى اكثر من احواله الوجدانية و الاجتماعية، فتختلف انواعها و تتنوع اشاراتها فنجد دموع الفرح دموع الحزن و الخوف و الخجل.
و قد تنوعت تعابير الشعرا عن احوال المواقف و دموعها فهناك الدموع الصادقة التي تنع من نفس خيرة مليئة بالرحمة و الحب و الحنان كدموع ام اما مرض ابنها او دموع فقدان شخص عزيز،و هناك الدموع الكاذبة التي تدل على نفس مريضة بالمكر و الدهاء واللؤوم التي تذرف رياء او شماته، و غالبا مايطلق عليها دموع التماسيح و قد التصقت هذي الدموع بالمراة.
و قد تذرف الدموع فرحا بعد سماع خبر سار، وقد اكد العلماء ان دموع الفرح ظاهرة طبيعية يتعرض لها ثلث الناس و هي دليل على ان مشاعر الفرد لا تزال حية و يقظة و ايجابية
ومن ناحية فسيولوجية فان للدموع وظيفتين، الاولى انها تعبر عن الالم والحالات النفسية، الاخرى انها تريح بعض الشئ من المعاناة لانه يتبعها حالة استرخاء و راحة.
و قد اكد الباحثون الاختصاصيون ان البكاء يساعد على اخراج السموم من الجسم، كما يساعد على التخفيف من الضغط النفسي و العصبي لان الدموع تقوم بتنظيف و تطهير العين من البكتريا و الجراثيم العالقة بها و يقوم البكاء بالتسلية عن الشخص و تقليل التوتر الذي يشعر به، و يطرح السموم المتفاعلة المتراكمة بسبب الانفعالات النفسية و مشكلات الحياة، و قد اثبت العلماء ان كبت الدموع يؤدي الى المركبات المؤذية داخل انسجة الجسم و بالتالي يؤدي ذلك الى الانهيارات العصبية.
و يمكننا ان نورد حقيقة واضحة ان المراة تعيش حياة اطول من الرجل بسبب تخلصها الدائم من السموم التي في جسمها عن طريق الدموع.
فالكثير من الرجال يعيشون تجارب حياتية ماساوية يمنعون فيها انفسهم من البكاء وقد لا يظهر دموعهم امام الاخرين، فهناك من يعتبر ان الدموع خلق حكرا للنساء وان البكاء قد ينقص من رجولتهم اما الناس.
و لذلك فان المواقف التي قد تظهر دموع الرجال تعتبر مواقف جسيمة و عظيمة. و يذكر لنا التاريخ ان الرحالة بروس بكى بكاءا شديدا يوم وصل الى ينابيع النيل العليا، و المهندس المعماري دي مونتريل سقط على الارض باكيا حينما اكتمل تشييد كنيسة نوتردام الشهيرة. و هانيبال بطل القراصنة بك حزنا و الما على مقتل شقيقه
ولعل اشد بكاء عرفه التاريخ لرجل هو بكاء نبي الله يعقوب عليه السلام حزنا و كمدا على فقدان يوسف عليه السلام ، اذ يصور القران الكريم بكاءه بانه افقده بصره " و تولى عنهم و قال يا اسفي على يوسف فابيضت عناه من الحزن و هو كظيم".
و لا ننسى هنا بكاء اعظم الرجال نبينا محمد صلى الله عليه و سلم بعد وفاة ابنه ابراهيم و قوله " ان العين لتدمع و ان القلب ليحزن وانا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون".
شيماء الوطني